-A +A
أحمد اللحياني (مكة المكرمة)
لم تسمح أم أحمد للعوز والحزن والانكسار أن يضعفوا من عزيمتها أو ينهشوا كرامتها، على الرغم من قلة ذات اليد، والمطالب المالية المتراكمة على أسرتها، مما يهدد استقرار شملهم وتشتت أفرادها بعد حين من الزمن.
وتقول أم أحمد ذات الـ 53 عاما: «أصيب زوجي في حادث مروري قبل عدة سنوات بإصابة في رأسه مخلفة اعتلالات نفسية أعجزته عن مواصلة عمله كمتسبب، مما جعله يلازم المنزل ويصارع الألم داخل عش الزوجية».

وتستمر في تعديد مآسي أسرتها بفلذة كبدها أحمد (37 عاما): «لم يستطع أن يكمل مسيرته التعليمية مكتفيا بشهادته الابتدائية، بسبب تسلط زملائه بالمدرسة ومعايرته من تشوه خلقي بشفته العلوية ألزمته أحد أركان المنزل منطويا على نفسه، ومبتعدا عن المجتمع بأسره منذ سنوات طويلة، ثم تطورت فيما بعد إلى اكتئاب حاد، رافضا الخروج لسوق العمل والبحث عن وظيفة تسد حاجة الأسرة ومستلزماتها الضرورية»، مبينة أن محاولاتها المضنية للبحث عن وظيفة تناسب نجلها باءت بالفشل وأوصدت الأبواب في وجهها بسبب تدني شهادته وتشوه شفته.
وتكمل المواطنة أم أحمد سرد معاناتها مع ابنتها التي تم خطبتها من أحد أبناء الوطن وتسلمت الأسرة مبلغ 53 ألف ريال قيمة المهر والشبكة ولكن بعد 3 أشهر طلبت فسخ الخطوبة، وكانت الأسرة تصرفت بقيمة المهر لتجهيز العروس لزفافها، وعجزت عن الإيفاء بترجيعه للخاطب ما أدخلها في دوامة المحاكم الشرعية وفي حسابات معقدة في توفير قيمته، وجعلها مطالبة في تأمينه خلال أيام معدودة وإلا سوف تقضي ابنتي العروس حياتها خلف القبضان الحديدية.
وتستطرد: «نعيش في منزل متواضع تكفل أحد المحسنين بتسديد قيمة إيجاره منذ 4 سنوات بقيمة 18 ألف ريـال، ولم يبق من مدة العقد إلا أشهر معدودة وإلا علينا التسديد أو مغادرة الشقة إلى مصير مجهول».
وأردفت أم أحمد أن زوجها قد صرفت له بطاقة صراف آلي من قبل مكتب الضمان الاجتماعي بمكة المكرمة ولكن سرعان ما استحوذت عليها زوجته الأولى وبناتها بالإضافة إلى فقدان زوجها للهوية الوطنية قبل عدة أشهر مما قطع الطريق علينا في استصدار بطاقة أخرى نسد بها رمق الأسرة وتغنينا عن سؤال الناس، مبينة أنها تمضي أيام على أسرتها لا تجد قوت يومها ولا تجد من يملأ أسطوانة الغاز لأيام طويلة إلا من بعض المحسنين وأهل الخير من الجيران.
وعللت عدم قدرتها في ممارسة العمل بسبب اعتلالات زوجها وابنها أحمد وخوفها من تركهما في المنزل لوحدهما، مختتمة حديثها ولسانها يلهج بالدعاء إلى كل من يسهم في مساعدتها، موضحة عجزها وزوجها عن العمل، العوز كبلنا عن شق طريقنا في الحياة والسعي في الحصول على قوت يومنا، أعتقد بأن مستقبلا سيئا ينتظرنا، إن لم يتداركنا الله سبحانه وتعالى ثم أهل الخير.